شركة الخزامى التجارية: من مطبخ فردي إلى منصة ضيافة متعددة العلامات تقود قطاع الأغذية السعودي

14 مايو 2025
مدونة مكنة
شركة الخزامى التجارية: من مطبخ فردي إلى منصة ضيافة متعددة العلامات تقود قطاع الأغذية السعودي

تحرير: مدونة مكنة



تمهيد: حين تصبح النكهة قصة تحول

لم يعد قطاع المطاعم في السعودية مجرد مساحة للطهي، بل ميدانًا للتوسع المؤسسي والتكامل بين الابتكار الغذائي والاستثمار التجاري. ومن بين عشرات النماذج، تبرز "شركة الخزامى التجارية" بوصفها حالة سعودية فريدة جمعت بين الجذور المحلية والمرونة المؤسسية والتوسع المتزن.

قصتها تبدأ في مطعم فردي بالرياض وتنتهي – حتى الآن – في سوق "نمو" بطرح أسهم يموّل خطة نمو متسارعة ومتكاملة.



النشأة والتحول المؤسسي:

تأسست شركة الخزامى التجارية في نوفمبر 2013 تحت اسم "نكهة الخزامى"، كمطعم صغير بتمويل شخصي لا يتجاوز 25 ألف ريال. بعد عامين فقط، تحولت إلى شركة ذات مسؤولية محدودة، وانضم الشريك علي مبارك الدوسري ليعيد هيكلتها ماليًا وتنظيميًا.

في الأعوام التالية، بدأت رحلة التحول التدريجي نحو الشكل المؤسسي:

  • رفع رأس المال تدريجيًا إلى 13.2 مليون ريال في 2019، ثم إلى 35.2 مليون في 2021.
  • في أكتوبر 2021، تحولت إلى شركة مساهمة مقفلة، تمهيدًا للإدراج في السوق المالية.
  • بحلول مايو 2024، تجاوز عدد المساهمين 30 مساهمًا، بينهم مستثمرون استراتيجيون كـ “مجموعة السليمانية”.



نموذج العمل: من مطعم إلى منصة ضيافة:

الشركة أعادت تعريف نفسها منذ 2021، لتتحول من شركة مطاعم إلى منصة ضيافة متعددة القطاعات، تشمل:

  • قطاع المطاعم (النشاط الأساسي)
  • قطاع التوريد اليومي (المشاريع)
  • خدمات الحفلات عبر العلامة "مسرة"
  • قطاع الاستثمارات المتكاملة

هذه القطاعات تعمل ضمن نموذج عمل قائم على التكامل، حيث تُصمم العلامات والخدمات لتشارك سلاسل التوريد، وتتكامل في المطبخ والإنتاج، ما يمنح الشركة مرونة تشغيلية وقوة تفاوضية عالية.



المحفظة التجارية: تنوع يخدم الإستراتيجية:

قامت الشركة ببناء وتطوير 13 علامة تجارية داخلية، تم تصميمها بناءً على دراسات تفصيلية لسلوك المستهلك السعودي وأنماط الطلب الحديثة. ومن أبرز هذه العلامات:

  • بيت عمر: أطباق سعودية تقليدية بلمسة راقية
  • كرزة (Karazah): المطبخ السعودي المعاصر
  • أرمين (Armin): نكهات المتوسط بنمط عالمي
  • أوف وايت (OFFWHITE): كافيه بمفهوم ثقافي
  • لافاش (Lavash): المخبوزات والمطاعم الأوروبية
  • باب مشوي (Bab Mashwi): المأكولات المشوية
  • ميسور (Mysore): الأطباق الهندية
  • باجمرة (Bajmrah): أطباق شعبية بأسلوب حديث
  • في قلبك (Fi Qalbak): علامة عاطفية للجيل الشاب
  • بيقل أو بيقل (Bagel-O-Bagel): وجبات خفيفة ومخبوزات
  • مسرة (Mssrah): منصة متخصصة في المناسبات
  • لوزية والخزامى كيتشن: مطابخ سحابية

جميع هذه العلامات تعمل بآلية مركزية تنطلق من مطابخ الشركة في الرياض والخبر، وتدعمها بنية تحتية تكنولوجية ورقابية عالية.



الريادة بالتكامل والتحكم في التكاليف:

من أبرز نقاط القوة التي أشار إليها الحقباني:

  • هندسة القوائم بعناية لتشارك المواد الخام بين العلامات.
  • التوريد الموحد والشراء الجماعي للمكونات.
  • رقمنة دورة المشتريات والربط بأنظمة مالية وإنتاجية ذكية.
  • نظام رقابة داخلية يستخدم الكاميرات لرصد المخالفات تلقائيًا.
  • إدارة جودة يومية مع شراكات تقييم دولية.

كل هذا مكّن الشركة من احتواء التكاليف، وتحقيق هوامش تشغيلية جيدة رغم تقلبات السوق.



الأداء المالي: نمو متوازن وربحية مستقرة:

سجلت شركة الخزامى التجارية نموًا قويًا في السنوات الثلاث الأخيرة:

  • ارتفعت الإيرادات من 173.5 مليون ريال في 2022 إلى 249.3 مليون في 2023، ثم إلى 298.4 مليون في 2024 (نمو 18%).
  • صافي الربح قفز من 27.7 مليون في 2023 إلى 32.4 مليون ريال في 2024 (نمو 23%).

ويعود ذلك إلى نجاح استراتيجية تنويع الإيرادات:

  • قطاع المطاعم: ما زال يشكل 71% من الدخل، رغم انخفاض نسبته.
  • قطاع التوريد اليومي (المشاريع): نما بنسبة 123% ليصل إلى 64.4 مليون.
  • خدمات الحفلات: سجلت نموًا بنسبة 43%.
  • استثمارات تابعة: أضافت 4.1 مليون ريال كمصدر دخل جديد.



الاستثمارات والاندماج الرأسي:

ضمن استراتيجيتها للتوسع المتكامل، استثمرت الشركة في:

  • شركتين تعملان في مجال الضيافة والأغذية الصحية والقهوة.
  • شركة متخصصة في توريد العمالة المدربة، مما يسهم في استقرار عمليات التشغيل.

هذه الاستثمارات لا تهدف إلى العوائد فقط، بل تعزز من استدامة سلسلة القيمة الخاصة بالشركة، وتدعم قدرتها على التوسع دون الاعتماد الكامل على أطراف خارجية.



خطة الطرح والاستخدام الاستراتيجي للعوائد:

تطرح الشركة 422,400 سهم (10.71% من رأس المال) في السوق الموازية "نمو" بين 18 إلى 22 مايو 2025. وقد أكدت الإدارة أن كامل العائدات ستوجه إلى:

  • افتتاح فروع جديدة
  • إنشاء مصنع للمنتجات الأولية
  • التوسع في المطابخ السحابية
  • الاستثمار في تطوير العمليات العامة والتقنية

ما يميز هذا الطرح أن العائد لن يُستخدم لتوزيعات أو سداد التزامات، بل لدعم نمو حقيقي ومستدام.



رؤية مستقبلية: من منصة محلية إلى لاعب مؤسسي:

رغم عدم نشر رؤية أو رسالة رسمية، إلا أن سلوك الشركة يعكس بوضوح:

  • التزامًا بالحوكمة
  • تطوير القدرات الداخلية
  • السيطرة على التكاليف
  • الابتكار في العلامة والتجربة
  • الاستثمار في الأصول التشغيلية

وهي الآن تقف عند مفترق طرق يسمح لها – عبر الطرح – بفتح صفحة جديدة من التوسع الصناعي والتقني، يرفعها من كيان محلي متطور إلى شركة قطاع ضيافة مؤهلة للمنافسة المؤسسية.



ما الذي يجعل "الخزامى" قصة مختلفة؟

في بيئة عمل تنافسية، يتطلب النجاح أكثر من منتج جيد. "الخزامى التجارية" لم تكتف بالوجبات، بل صممت نموذجًا متكاملاً يغطي الإنتاج، التوزيع، التوريد، الاستثمار، والضيافة.

تحركت ببطء ولكن بثبات، متجنبة الطفرات، ومستفيدة من أصولها المحلية لصنع كيان قادر على استيعاب التحديات واستثمار الفرص.

إنها ليست فقط قصة نكهة… بل قصة تخطيط طويل الأمد، واستعداد مؤسسي، وهوية وطنية تتحول إلى نموذج استثماري قابل للنمو.