اليوم السادس: شطر الحلم نصفين

3 يونيو 2025
مدونة مكنة
اليوم السادس: شطر الحلم نصفين

تحرير: مدونة مكنة



لأن الأفكار الكبيرة لا تولد كاملة، بل تُبنى قطعةً قطعة.



المقدمة:

عندما تتأمل أي مشروع إبداعي عظيم، قد يبدو وكأنه وُلِد في لحظة وحي خارقة. لكن الحقيقة؟ معظم الإنجازات الكبيرة لم تبدأ بهذه الصورة أبدًا.

لقد بدأت كمجموعة من الأجزاء الصغيرة: ملاحظة عابرة، فكرة مكتوبة على ورقة، تجربة ناقصة، تعديل متكرر، ثم محاولة أخرى…

هذا ما نسميه: فن التقسيم الإبداعي.

في هذا المقال، سنبدأ أولى تماريننا العملية المستلهمة من مبادئ التفكير الابتكاري في منهجية TRIZ.

سنستخدم مبدأ التقسيم لتفكيك الأفكار الكبيرة ومعالجة المشكلات الإبداعية المعقدة.



ما هو مبدأ “التقسيم” في TRIZ؟

في TRIZ (نظرية حل المشكلات الإبداعية)، يُعد مبدأ التقسيم من أوائل المبادئ الأربعين.

وهو يعني ببساطة:

“قسّم الكيان إلى أجزاء مستقلة يسهل التعامل معها أو تطويرها.”

هذا المبدأ لا يُطبق فقط في الهندسة أو التصميم الصناعي؛ بل يصلح لحياتك اليومية، وخصوصًا عند تطوير فكرة، مشروع، أو حتى عادة جديدة.



لماذا يُعيقنا “الحلم الكبير”؟

أحيانًا، الطموح المفرط يُعطّلنا بدلًا من أن يدفعنا للأمام.

كلما كبرت الفكرة، صعب الإمساك بها.

📌 مثال شائع:

• “أريد أن أبدأ بودكاست إبداعي!”

ثم تنهال الأسئلة: ما الفكرة؟ من أين أبدأ؟ أي منصة أستخدم؟ هل لدي وقت؟ من سيستمع لي؟

فتتراجع. ليس لأنك لا تملك القدرة، بل لأن حجم الفكرة يفوق الأدوات المتاحة لديك الآن.



الحيلة؟ قسّم، لا تُقلل

التقسيم لا يعني التخلي عن الحلم، بل بناءه خطوة خطوة.

🧩 الفكرة مثل فسيفساء ضخمة؛ لا يمكن تركيبها دفعة واحدة، بل تبدأ من الزاوية الصغيرة.

دعنا نطبّق هذا المفهوم معًا الآن.



تمرين اليوم: “تحليل حلمك إلى أجزاء قابلة للتنفيذ”

📝 خذ ورقة، واكتب عليها فكرة أو حلمًا إبداعيًا تؤجله منذ فترة طويلة.

ثم أجب عن هذه الأسئلة:

1️⃣ ما اسم هذا الحلم؟

(مثال: كتابة كتاب، إطلاق قناة، تطوير منتج)

2️⃣ ما الأجزاء المكوّنة له؟

قسّمها إلى مراحل (مثل: بحث – كتابة – تصميم – نشر)

3️⃣ ما الجزء الأبسط الذي يمكنك البدء به اليوم؟

(مثال: تحديد العنوان، كتابة 100 كلمة، رسم خريطة ذهنية أولية)

4️⃣ ما الأجزاء التي يمكن تفويضها لاحقًا؟

(تصميم الغلاف؟ تعديل الفيديو؟ إعداد الموقع؟)

5️⃣ ما المدة الزمنية لكل جزء؟

(حدد نطاقًا زمنيًا لا يتجاوز ساعة واحدة لكل مهمة صغيرة)

الهدف: تحويل الفكرة الكبيرة المربكة إلى خطوات بسيطة قابلة للتنفيذ.



تطبيق واقعي: من فكرة إلى أفعال

🎯 حالة: “أريد تطوير عرض تقديمي جديد لفريق العمل”

قبل التقسيم، الفكرة مربكة:

• ماذا أضع؟

• ما التصميم المناسب؟

• كيف أجعل العرض جذابًا؟

بعد التقسيم، تصبح هكذا:

الجزءالفعل الصغيرتحديد الفكرةكتابة 3 نقاط رئيسية على ورقةبناء القصةرسم مخطط سردي بسيطاختيار التصميماختيار قالب جاهزالإضافة البصريةجمع 3 صور تعبر عن الفكرةالمراجعةطلب رأي زميل



✨ بهذه الطريقة، يصبح العرض مشروعًا من 5 خطوات، لا جبلًا من الضغط.



فوائد عقلية “التقسيم”

تقنية التقسيم لا تسهّل التنفيذ فقط، بل:

• 🔸 تقلل القلق والتردد

• 🔸 تعزز الإحساس بالإنجاز المبكر

• 🔸 تمنح وضوحًا ذهنيًا

• 🔸 تعلّمك رؤية “المجهود الصغير” كجزء من الإنجاز الكبير

في دراسة من Journal of Experimental Psychology عام 2019:

“تقسيم الأهداف إلى مهام صغيرة يزيد فرص الإنجاز بنسبة 43%.”



التقسيم: عادة تفكير

ابدأ من الآن بتطبيق مبدأ “شطر الحلم نصفين” في كل ما تقوم به:

• قبل كل اجتماع: قسّم النقاط إلى 3 محاور رئيسية فقط

• في أي عرض: استخدم قالب “مقدمة – فكرة – دعم – دعوة للفعل”

• في تطوير فكرة: قسّمها إلى 3 أجزاء (الجوهر – الشكل – التأثير)



تمرين اليوم:

اختر مشروعًا مهنيًا أو إبداعيًا تعمل عليه أو تؤجله، وطبّق عليه ما يلي:

1️⃣ اسم المشروع

2️⃣ الفكرة العامة في 3 أسطر

3️⃣ تقسيمه إلى 5 أجزاء

4️⃣ أول خطوة عملية تبدأ بها اليوم

5️⃣ اكتب هذه الخطة في بطاقة أو ملف، وضعها أمامك

🎯 مبروك! هذا أول “فعل” إبداعي حقيقي تقوم به في هذا الكتاب.



اقتباس اليوم:

“Dream big. Start small. Act now.”

"احلم أحلامًا كبيرة. ابدأ بخطوات صغيرة. تصرّف الآن."

– روبن شارما


غدًا:

في المقال السابع “لا تعبر النهر من فوقه” سنتناول المبدأ الثاني من TRIZ: العكس — كيف يمكن للتفكير بالمقلوب أن يقودك إلى زوايا إبداعية لم تكن تراها في الوضع الطبيعي