تحرير: مدونة مكنة
في مدينة الخبر، قلب النشاط الاقتصادي للمملكة العربية السعودية، بدأت قصة شركة "طوارئيات للعناية الطبية"، كفكرة طموحة لرجل واحد يسعى لإحداث فرق كبير في مجال الرعاية الصحية. كان طارق محمد سليمان الحمدان، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة، يرى فجوة واضحة في تقديم الخدمات الطبية، خاصة في المناطق النائية والصناعية، حيث كان الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة تحديًا كبيرًا. هكذا، انطلقت رحلة "طوارئيات" برأس مال لا يتجاوز عشرة آلاف ريال سعودي فقط، لكنها كانت تحمل رؤية تفوق حدود هذا الرقم.
البداية: مركز صغير بحلم كبير
في عام 2013، وُلد "مركز طوارئيات للعناية الطبية" كمؤسسة فردية بإدارة الحمدان. كان الهدف في البداية بسيطًا ولكنه قوي: تقديم خدمات طبية عالية الجودة للعمال والشركات في المناطق البعيدة. من مكتب صغير في مدينة الخبر، ومع سجل تجاري يحمل الرقم (2051054263)، بدأ المركز مسيرته. لم يكن لدى طارق سوى عشرات الآلاف من الريالات، لكنها كانت كافية لإشعال شعلة الحلم.
تحول استراتيجي: من فردية إلى شركة محدودة
مع مرور السنوات، نمت الطموحات، ونمت معها الأعمال. في عام 2018، قرر طارق الحمدان تحويل مركز طوارئيات إلى شركة ذات مسؤولية محدودة برأس مال بلغ 77,000 ريال سعودي. كان هذا التحول الاستراتيجي نتيجة للنمو المطرد والطلب المتزايد على الخدمات الطبية التي يقدمها المركز. لم يعد طارق وحده، بل انضم شركاء جدد للمساهمة في هذا المشروع الواعد.
التوسع: دخول شركاء جدد وزيادة رأس المال
بحلول عام 2019، كان النمو السريع للشركة يتطلب توسعًا أكبر. قرر الشركاء زيادة رأس المال إلى 5.277 مليون ريال سعودي، وهو ما أعطى الشركة دفعة جديدة لتوسيع خدماتها. لم يكن هذا التحول مجرد تغيير مالي، بل كان خطوة نحو رؤية أكثر شمولية. انضمت أسماء جديدة إلى قائمة الشركاء مثل خالد أحمد الحداد، وعامر محمد العامر، وهاني محمد الهاشمي، كل منهم يحمل حصة صغيرة ولكنه جزء من طموح كبير.
ولادة جديدة: من شركة محدودة إلى مساهمة مقفلة
مع استمرار النجاح، قرر الشركاء في عام 2022 أخذ خطوة جريئة أخرى بتحويل "طوارئيات" إلى شركة مساهمة مقفلة. هذه الخطوة عززت مصداقية الشركة وجعلتها جاهزة لجذب استثمارات جديدة. ارتفع رأس المال إلى 8.999 مليون ريال سعودي، وتم تقسيم الأسهم إلى 899,900 سهم عادي، مع قيمة اسمية للسهم الواحد تبلغ 10 ريالات سعودية.
طارق الحمدان، الذي كان يحمل حلمًا صغيرًا قبل سنوات، أصبح الآن المساهم الأكبر ورئيس مجلس الإدارة، يمتلك حوالي 29.18% من أسهم الشركة. إلى جانبه، برزت أسماء أخرى مثل شركة أيان للاستثمار (25%) وشركة بيت لولوة (11.53%).
التحديات والإنجازات: القفز نحو 40 مليون ريال
لم تكن الرحلة خالية من التحديات، لكن كل عائق كان دافعًا نحو مزيد من الإصرار. في عام 2023، قررت الشركة زيادة رأس المال مرة أخرى إلى 40 مليون ريال سعودي، وتم تقسيم الأسهم إلى 40 مليون سهم بقيمة اسمية ريال واحد لكل سهم. كان هذا التوسع ضرورة لمواكبة الطلب المتزايد على خدمات الشركة.
إضافة إلى ذلك، أجرت الشركة عملية طرح خاص لعدد 2.98 مليون سهم، مما ساعدها على جذب 55 مساهمًا جديدًا، في خطوة تهدف إلى تعزيز قوتها المالية والاستثمارية.
الخدمات والتوسع الجغرافي: نحو مستقبل مشرق
لم يكن النمو المالي هو الإنجاز الوحيد للشركة. فمن خلال مركزها الطبي في الجبيل، قدمت "طوارئيات" خدمات عيادات النساء والولادة، الأطفال، الطب الباطني، الطب العام، وطب الطوارئ. كما توسعت خدماتها لتشمل الطب الاتصالي، خدمات الإسعاف، وتشغيل العيادات المتنقلة. لم تكتف الشركة بتلبية احتياجات الأفراد فقط، بل كانت شريكًا رئيسيًا للشركات والمؤسسات الحكومية، مما جعلها ركيزة أساسية للرعاية الصحية في المناطق النائية والصناعية.
فريق القيادة: العمود الفقري للنجاح
كان النجاح الذي حققته "طوارئيات" نتاجًا لفريق قيادة استثنائي. إلى جانب طارق الحمدان، كان عامر محمد العامر يلعب دورًا حيويًا كمدير تنفيذي للشركة. قاد عامر فريقًا من المهنيين الذين يتمتعون بخبرة واسعة في مجال الرعاية الصحية، مما عزز سمعة الشركة كمزود خدمات طبية موثوق به.
المستقبل: الرؤية والطموح
اليوم، تمثل "طوارئيات للعناية الطبية" قصة نجاح سعودية ملهمة. إنها ليست مجرد شركة طبية، بل رمز للإبداع والإصرار. مع رؤية طموحة لتوسيع نطاق خدماتها داخل وخارج المملكة، والاستفادة من التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والطب الاتصالي، يبدو أن المستقبل يحمل الكثير لهذه الشركة.
الأرقام تتحدث:
- البداية برأس مال 10,000 ريال سعودي.
- تحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة برأس مال 77,000 ريال سعودي.
- زيادة رأس المال إلى 40 مليون ريال سعودي في 2023.
- المساهم الأكبر طارق الحمدان يمتلك 29.18% من الأسهم.
- عدد المساهمين وصل إلى 118 مساهمًا بعد عملية الطرح الخاص.
خاتمة:
في رحلة بدأت من مكتب صغير في الخبر، أثبتت "طوارئيات للعناية الطبية" أن الأحلام الكبيرة لا تحتاج إلا إلى قيادة ملهمة وإصرار لا يلين. مع كل تحدٍ واجهته الشركة، ظهرت فرص جديدة للنمو. وها هي اليوم، تقف كواحدة من أبرز الشركات الرائدة في مجال الرعاية الصحية في المملكة، مستعدة لمواصلة الرحلة نحو مستقبل مشرق ومليء بالإنجازات.