من فكرة صغيرة إلى عملاق صناعي: رحلة الشهيلي الملهمة

28 يناير 2025
مدونة مكنة
من فكرة صغيرة إلى عملاق صناعي: رحلة الشهيلي الملهمة

تحرير: مدونة مكنة



في أحد أحياء مدينة الرياض الهادئة، وفي عام 2005، ولدت فكرة طموحة كانت أشبه بشرارة صغيرة في ذهن رجل اسمه عاهد فهد ناصر الشهيلي. بدأ عاهد مؤسسته ككيان صغير تحت اسم مؤسسة عاهد فهد الشهيلي للمقاولات، برأس مال لم يتجاوز 25,000 ريال سعودي. كان الهدف في البداية بسيطًا؛ تقديم خدمات مقاولات موثوقة وعالية الجودة.

لكن بالنسبة لعاهد، لم يكن هذا الطموح مجرد حدود، بل كان خطوة أولى نحو ما يمكن أن يصبح إرثًا صناعيًا. وسط التحديات والصعوبات، استطاع بناء اسم لمؤسسته بفضل التزامه القوي بالجودة والتميز.


التحول المصيري: من المقاولات إلى الصناعات المعدنية

بعد مرور قرابة عقد من الزمن، وتحديدًا في عام 2014، أدرك عاهد أن سوق المقاولات قد بدأ يضيق أمام طموحاته الكبيرة. لذلك، جاء القرار الجريء بتغيير النشاط من المقاولات إلى الصناعات المعدنية. وهكذا ولدت شركة الشهيلي للصناعات المعدنية لتكون البداية الحقيقية لمسيرة أكثر إشراقًا.

مع هذا التحول، لم تعد الشركة مجرد مؤسسة صغيرة تعمل في نطاق محدود، بل أصبحت مصنعًا يركز على تصنيع المركبات المقطورة ونصف المقطورة. كان هذا التحول خطوة محورية وضعت الشركة على خريطة الشركات الصناعية في المملكة. كانت أول منتجات المصنع تستهدف الشركات اللوجستية والقطاع الصناعي، مما زاد الطلب على منتجاتها التي عُرفت بالجودة العالية.


الخطوة نحو الاستقلال المؤسسي

مع دخول عام 2018، قرر عاهد فهد الشهيلي تحويل شركته إلى كيان مؤسسي أكثر تنظيمًا. وهكذا، تأسست شركة الشهيلي للصناعات المعدنية ذات مسؤولية محدودة برأس مال مدفوع بلغ 100,000 ريال سعودي. في تلك المرحلة، كانت الشركة مقسمة بين شريكين رئيسيين:

  • عاهد فهد الشهيلي بنسبة 65%.
  • أنور عبدالله سالم شبيلي بنسبة 35%.

لكن الأقدار كانت تعد الشركة لمسار مختلف. ففي عام 2019، تنازل أنور شبيلي عن كامل حصته لصالح هلا فهد ناصر الشهيلي، لتصبح الأخيرة شريكًا رئيسيًا بجانب عاهد الشهيلي. وفي عام 2021، تنازل عاهد عن كامل حصته أيضًا، لتصبح هلا الشهيلي المالكة الوحيدة للشركة بنسبة 100%. هذا الحدث كان تحولًا كبيرًا؛ حيث أصبحت الشركة تحت قيادة نسائية شابة، مع رؤية طموحة لتوسيع نطاق الأعمال.



الانطلاق نحو آفاق أوسع

في عام 2023، قررت هلا الشهيلي أن الوقت قد حان لتوسيع الشركة بشكل غير مسبوق. تم زيادة رأس مال الشركة من 100,000 ريال سعودي إلى 20 مليون ريال سعودي. هذا التمويل تمثل في إصدار 2 مليون سهم بقيمة اسمية 10 ريالات لكل سهم. وقد تم استخدام هذه الأموال لتطوير خطوط الإنتاج وشراء معدات جديدة.

ولم تكن هذه الخطوة مجرد استثمار مالي، بل كانت استثمارًا استراتيجيًا. حيث أظهرت تقارير التقييم أن قيمة الأصول العادلة للشركة بلغت 31.89 مليون ريال سعودي، مما يعكس مدى التطور الكبير الذي حققته خلال السنوات السابقة.



دخول الشركاء الجدد وتحول الشركة

بحلول نهاية عام 2023، شهدت الشركة تغييرًا جوهريًا في هيكل الملكية. دخل مشاري مطرب عمار جبيل ورنا فهد ناصر الشهيلي وسناء فهد ناصر الشهيلي كشركاء جدد، حيث تم تقسيم الحصص بالتساوي بنسبة 4.5% لكل شريك. ولم يكن هذا مجرد تغيير في الملكية، بل تحولًا في الرؤية؛ إذ تحولت الشركة إلى شركة مساهمة مقفلة، مما فتح الباب أمامها لدخول السوق الموازية.



التوسع في السوق الموازية

في عام 2024، أعلنت الشركة نيتها طرح 500,000 سهم للاكتتاب في السوق الموازية، بسعر طرح 10 ريالات للسهم الواحد. هذا الطرح يمثل 20% من إجمالي أسهم الشركة، وهي خطوة تعكس الثقة الكبيرة في إمكاناتها المستقبلية. سيتم استخدام العوائد لتمويل توسعات إضافية، بما في ذلك دخول أسواق جديدة واستهداف قطاعات أكثر تنوعًا.



المنتجات والخدمات: علامة فارقة في الجودة

من أبرز المنتجات التي تقدمها شركة الشهيلي:

  • المركبات المقطورة ونصف المقطورة.
  • الكارفانات.
  • الحاويات المخصصة لنقل البضائع (الكونتينرات).

تتميز هذه المنتجات بأنها مصنوعة وفقًا لأعلى معايير الجودة، مما يجعلها الخيار الأول للعديد من الشركات في قطاع النقل والخدمات اللوجستية.




القيم التي صنعت النجاح

لم يكن نجاح الشهيلي للصناعات المعدنية محض صدفة، بل نتاج مجموعة من القيم التي تبنتها الشركة منذ تأسيسها:

  1. الجودة أولًا: التزام لا يتزعزع بتقديم أفضل المنتجات.
  2. الابتكار: تطوير حلول مخصصة تلبي احتياجات العملاء.
  3. التوسع المدروس: اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة للتوسع.
  4. الاستدامة: السعي لاستخدام مواد وتقنيات صديقة للبيئة.



المستقبل: الحلم الذي يكبر

اليوم، تقف شركة الشهيلي للصناعات المعدنية على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها. برؤية تقودها هلا الشهيلي وفريق من الشركاء والمستثمرين الجدد، تستعد الشركة لتعزيز مكانتها في السوق المحلي والدولي. الطموح الآن يتجاوز مجرد الإنتاج؛ إنه يتعلق بإحداث تأثير إيجابي ومستدام في قطاع الصناعات المعدنية.

قصة الشهيلي ليست مجرد قصة شركة، بل هي شهادة على قوة الإصرار والابتكار، وكيف يمكن لحلم صغير أن يتحول إلى كيان يغير قواعد اللعبة في مجال الصناعات المعدنية. وما زال الفصل القادم من هذه القصة قيد الكتابة.