ناف للعلف: من مؤسسة فردية إلى شركة مساهمة تقود حلول التغذية الصناعية في السوق السعودي

22 يونيو 2025
مدونة مكنة
ناف للعلف: من مؤسسة فردية إلى شركة مساهمة تقود حلول التغذية الصناعية في السوق السعودي

تحرير: مدونة مكنة



في قلب القصيم، إحدى أهم المناطق الزراعية في المملكة العربية السعودية، تأسست شركة كان طموحها أن تعيد تعريف صناعة الأعلاف. جاءت ناف للعلف للصناعة في زمن تتسارع فيه خطى المملكة نحو تنويع اقتصادها ضمن إطار رؤية 2030، لتسهم في تحقيق الأمن الغذائي وتنمية القطاع الزراعي من خلال إنتاج الأعلاف المركبة عالية الجودة. تأسيسها لم يكن مجرد رد فعل لحاجة السوق، بل كان استجابة استراتيجية لتحولات أوسع يشهدها الاقتصاد الوطني.



البداية من الصفر:

بدأت القصة في مارس 2015 عندما أنشأ السيد فايز الحربي "مصنع ناف للعلف" كمؤسسة فردية برأسمال متواضع 3.9 مليون ريال. كانت البداية بسيطة من حيث البنية التحتية ولكن طموحة من حيث الرؤية. ومنذ البداية، ارتكزت فلسفة ناف على الجودة والموثوقية وخدمة احتياجات المربين المحليين.

في يناير 2022، ومع اتساع العمليات والحاجة إلى تنظيم أكبر، تم تحويل الكيان إلى شركة ذات مسؤولية محدودة. وفي يناير 2024، اكتمل التحول القانوني إلى شركة مساهمة مقفلة، ما أعطى دفعة قوية لإمكانيات التوسع وجذب الاستثمارات.



التحولات الاستراتيجية الحاسمة

من أبرز التحولات التي قادت إلى نمو الشركة:

1. زيادة رأس المال: ارتفع رأس المال تدريجياً من 3.9 مليون ريال إلى 20 مليون ريال من خلال رسملة الأرباح وتوزيع أسهم منحة، ما أتاح مرونة مالية دون الحاجة إلى مديونية خارجية.

2. توسيع قاعدة الملكية: انضم شريكان جديدان في 2024 بعد تنازل المالك المؤسس عن 58% من الحصص، ما ساعد على تعزيز الحوكمة المؤسسية وفتح آفاق استراتيجية أوسع.

3. التحول الإنتاجي: إضافة خطوط إنتاج جديدة رفعت الطاقة الإنتاجية من 144 ألف طن إلى 288 ألف طن سنوياً، مما ضاعف القدرة السوقية.

4. استثمارات في البنية التحتية: توسعت الشركة في بناء مخازن ضخمة وسكن للعمال، مما حسّن الكفاءة التشغيلية.

5. عداد للاكتتاب والإدراج: عبر الالتزام بالمتطلبات النظامية لهيئة السوق المالية، تسعى الشركة لطرح 20% من أسهمها للاكتتاب في السوق الموازي نمو.



المرونة المؤسسية وإدارة الأزمات

رغم حداثة تأسيسها، أظهرت ناف مرونة استثنائية في مواجهة التحديات:

- العمالة المؤهلة: واجهت تحديات في توفير الكفاءات الفنية، ما دفعها للتعاقد مع شركات مثل "سبك الجسور" لخدمات النقل واللوجستيات.

- التنقل القانوني والإداري: استطاعت التنقل بين الكيانات القانونية دون تعطل عملياتها أو فقدان ترخيصها الصناعي.

- تقلبات السوق: بفضل نموذجها التشغيلي المستقر، حافظت على النمو حتى في ظروف تذبذب أسعار المواد الخام وصعوبة الإمداد.



التحول المالي والربحية المتسارعة

- الإيرادات: ارتفعت من 24.5 مليون ريال في 2022 إلى 120.7 مليون ريال حتى سبتمبر 2024.

- صافي الأرباح: قفز من 1.1 مليون ريال إلى 9.2 مليون ريال.

- هامش الربح الإجمالي: 10.3% في 2024 مقارنة بـ 6.4% في 2022.

- العائد على حقوق المساهمين: 39.1% حتى سبتمبر 2024.

- التوزيعات: بلغت 5.6 مليون ريال خلال 2023 وحتى نهاية سبتمبر 2024، ما يشير إلى قدرة الشركة على توليد السيولة المستدامة.




نموذج العمل والميزة التنافسية

تعتمد ناف على نموذج تشغيلي متكامل:

-منتجاتها: أعلاف الدواجن تمثل 89% من الإيرادات، وتقدم أعلافًا خاصة للدجاج البياض واللاحم.

- البنية التحتية: مصنع آلي بالكامل، مخازن بطاقة تخزينية ضخمة، وفريق تشغيل متنوع الكفاءة.

- العملاء: مربي دواجن وطيور وماشية من مختلف مناطق المملكة.

- الأسعار: استراتيجية تسعيرية مدروسة توازن بين الربحية والمنافسة.

- الجودة: التزام بمعايير رقابية صارمة واختبارات دورية.




الموقع التنافسي والرؤية المستقبلية

- التركيز المحلي: رغم عدم وجود توسع إقليمي مباشر، تركز ناف على التوسع العمودي داخل المملكة.

- التحول الرقمي: إدخال أدوات محاسبية وأنظمة تتبع وتحسين تقني في العمليات.

- الاستدامة: استخدام مكونات علفية فعالة وتحسين استهلاك الطاقة والموارد.

- رؤية توسعية: تستهدف زيادة التنوع في المنتجات لتقليل الاعتماد على قطاع الدواجن فقط.




المخاطر والتحديات المستقبلية

- تركز الإيرادات: 72% من الإيرادات من 5 عملاء فقط.

- عتماد على موردين محدودين: ما يعرض الشركة لمخاطر تعطل التوريد.

- نطاق المنتج المحدود: يتركز على أعلاف الدواجن دون تنوع كافٍ.

- المخاطر التشغيلية: تتعلق بالإدارة، التشغيل، وسلامة المصنع.

- مخاطر الزكاة والتمويل: نتيجة الاعتماد على دعم صندوق التنمية الصناعية.




نموذج سعودي للصعود الذكي

تجسد ناف للعلف كيف يمكن لشركة صناعية ناشئة أن تنمو بذكاء وتنتقل من كيان فردي إلى شركة مساهمة تستعد لدخول السوق الموازي. هذه الرحلة لم تبنَ فقط على رؤوس الأموال، بل على ثقة في السوق، واستثمار في الكفاءة، والتزام استراتيجي بالتحول. قصتها هي قصة صعود سعودي في قطاع استراتيجي حيوي.